الخميس، 14 أغسطس 2014

الأصول التاريخية للدارجة الجزائرية

واقيلا، منوالا، عام دقيوس

الكثرة تاع الكلمات في الدارجة الدزيرية موروثة من العربية الفصحى شفويا بلا ما تجوز على الكتوب والمدارس، بصح كاين شوية كلمات وعبارات اللي دخّلوهم في الدارجة القاريين نتاع بكري لي كانو يقراو بزّاف الكتب الدينية، وهاذ الكلمات ماشي دايماً باينين. الكلمات اللي دخلو شفويا ديريكْت تلقى فيهم الحركات قريب كاملين راحوا: "وَقَالَ" مثلا ولاّت "أُوقالْ". والكلمات اللي دخّلوهم القاريين تلقا فيهم الحركات مازالهم، كيما نقولو "الحَديث"، مانقولوش "لَحْدِيثْ".
واحد من الكلمات اللي تمثّل هاذ الظاهزة هي "واقيلا" من "وَقِيلَ". هاذي الجملة تلقاها بزّاف في كتب الفقه والحديث بمعنى يدل على الشك، مثلاً في كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: "سورة التغابن قيل مدنية، وقيل مكية إلا آخرها.". والناس العاديين يسمعو الكلمة في هاذ الإطار وولاّو يستعملوها باش يعبّرو على الشك بشكل عامّ.
كي نقولو "ماشي منوالا"، المقصود ماشي أي واحد برْك. و"منوالا" من زوج كلمات تسمعهم في كل خطبة: "من والاه". كي يسمع واحد ماشي قاري "فلان ومن والاه" ولاّ "قوم فلان ومن والاهم" مايفهمش المعنى نتاع "ومن والاه"، يحسبها كلمة واحدة تكون تعني "وأي واحد لي من قومه، لي ماكالّاه نذكروهم". الحاصول ولاّو يستعملوها بهاذ المعنى، ومازالنا محافظين عليه حتّى اليوم.
علاه نقولو "عام دقيوس"؟ كي تحوّس في كتب التفسير، تلقا أشكون كان "دقيوس" هذا. القرطبي يذكر بللي كان "الملك الكافر" اللي هربوا منّه أهل الكهف. والمسعودي يحكيلنا القصة: "ثم ملك بعده دقيوس يعبد الأوثان، ستين سنة، وأمعن في قتل النصرانية، وطلبهم، ومن هذا الملك هرب أصحاب الكهف،". تعرفوا بللي أصحاب الكهف رقدو عمبالهم ليلة واحدة، وكي خرجو، لقاو بللي كانو رقدو "من عام دقيوس". واللي قرا على أصحاب الكهف بدا يمثّل بهاذ العبارة كل وقت بعيد في الماضي. ودقيوس هو إمبراطور روماني كان يحكم ما بين 249 و251، كان يعذب كل واحد لي مايعبدش الأصنام، واسمه باللاتينية Decius

كوزينة، خيامة، مطبخ

عمري ما كنت نحسب كلمة "كوزينة" تكون قديمة عندنا. بصّح هاوليك كتاب على المرّوك خرج في 1779:اليمنى دارجة واليسرى أمازيغية. وكي يلحق "eine Kuche" (مطبخ) يعطيلك الترجمة بالدارجة: "كوزينة".
مادام نلقاو هاذ الكلمة في المرّوك قبل الاستعمار الفرنسي، لازم تكون دخلت من السبنيولية (cocina).
بصّح طبعاً ماشي معناه بللي "كوزينة" هي الكلمة الأصلية عندنا. كي تحوّس في قواميس الدارجة الدزيرية تاع القرن التسعطاش (كيما de Bussy 1838 ولاّ بن صديرة 1886)، تلقى كلمة قديمة عليها: الخيامة. عمري ما سمعت واحد يقول "الخيامة" - مازال كاين لي يعرفها؟ تكون جايّة من الخيمة.
ذكر ثاني "مطبخة" ولاّ "مطبخ"، لي هي باينة. 

14‏/9‏/2013

الطابلة، المايدة

في رايكُم، واش هو أصل كلمة طابلة؟ رايحين تقولولي "table" من الفرنسية. لالا، هاذ الشي ماكاش منه. كاين واحد القاموس تاع الدارجة الدزيرية من 1838، ثمن سنين بعد ما دخلت فرانصة. كي تحوّس فيه على كلمة "table"، تلقى زوج كلمات: "طابلة" إيلا كانت عالية، و"مايدة" إيلا كانت حابطة. والفرنسيين كي لحقو وسمعوها حسبوها جاية من السبنيولية (كيما قال Delaporte 1841).
بصّح نقدرو نزيدو نبعدو. كاين قاموس عربي-لاتيني من القرن الثلطّاش لقاوه في الطليان، يظهر بللي من أصل أندلسي. حوّس فيه على mensa (اللي هي الكلمة اللاتينية لي معناه "طابلة") وهاذا واش تلقى:
mensa: مائدة ومايدة موائد ومواد * منقلة مناقل * سفرة سفر * طبلة ات * تيفور توافير
في القرن الثلطّاش ما كانش كاين تأثير فرنسي، لا في الدزاير ولا في الأندلس. أصل الكلمة لاتينية على كل حال، من كلمة tābula لي معناه لوحة. وفي رحلة ابن بطّوطة (المغربي) نلقاو كلمة "طبلة" بمعنى "لوحة" ولاّ "پلاتفورم":
ورأيت بمدينة منجرور رجلاً من المسلمين ممن يتعلم منهم، قد رفعت له طبلة، وأقام بأعلاها، لا يأكل ولا يشرب مدة خمسة وعشرين يوماً، وتركته كذلك. (ص. 272)
الحاصول بالاك لحقتنا على السبنيولية، ولا بالاك لحقتنا ديراكْت من اللاتينية، بصّح الأكيد مالحقتناش من الفرنسية. من ثمن ميات سنة ولاّ كثر وحنا نقولو "الطابلة".
يمكن تقوللي الطابلة بالفصحى هي الطاولة، وهاذي هي الأصل؟ لاء، حتّى هاذي ماكاش منها. حوّس على كلمة "طاولة" في لسان العرب وتاج العروس وكل القواميس الكبار نتاع بكري، ماتلقاهاش. حوّس عليها في كتب التراث، ما تلقاها حتّى القرن التسعطاش. طاولة كلمة عامّيّة مشرقية دخّلوها للفصحى، وأصلها من الطليانية: tavola.
امّا المايدة هي عربية فصحى قديمة: كل واحد سامع بسورة المائدة! 

3‏/9‏/2013

السبّالة (العين)

السبّالة، كيما يسمّوها في الدزاير وفي تونس، هي الحنفية بالفصحى (robinet en français). وفي جوايه الدزاير العاصمة يقولولها العين. العين باين خاطر يخرج منّه الما. بصّح منين جابو كلمة السبّالة؟
هاذي باش نفهموها لازم نشوفو واش كان معنـى الكلمة قبل ما دخّلولنا الما لكل دار. ونلقاوها كي نحوّسو في الكتوب نتاع بكري:
Réservoirs publics – sebbala – سبّالة (L'idiome d'Alger, de Bussy, 1847)
Comme dans toutes les villes musulmanes, on trouve à Tunis des réservoirs de fondation pieuse qui servent à désalterer les pauvres. L'eau arrive au mur extérieur dans un tuyau faisant saillie, lorsqu'elle est appelé par l'aspiration de celui qui veut étancher le soif. Ces reservoirs sont appelés sebbala. (Revue de l'Orient, 1849)
سبّالة – fontaine établie dans une rue, à portée d'un chemin, d'une route, fondée et entretenue dans un but de dévotion (Dictionnaire arabe-français, Beaussier, 1887)
Dans un but de dévotion, certains musulmans forment le vœu d'entretenir aux abords d'un chemin, d'une rue, d'une place, une sebbala. La sebbala consiste en un grand vase rempli d'eau, destinée à rafraîchir les passants, une tasse ou un petit récipient est placé à proximité du vase. Tout le monde peut boire à la sebbala sans être astreint à donner une rémunération. (L'Arabe tel qu'll est: études algériennes & tunisiennes, Achille Robert, 1900)
صافي السبّالة كانت الما لي يحطّوه في سبيل الله باش يشرب منّه اللي عطش. وفي ماصر مازال يقولو للعين العمومي "السبيل" ديراكْت. بصّح "سبّالة" مبنية على كلمة "سَبَّلَ" أي جعل في سبيل الله. واليوم السبّالة ولاّت تعني الشي اللي يخرج منّه الما حتّى إيلا كان داخل الدار.
وهاذ الكلمة دخلت بكري في القبايلية ثاني: "ثاسبّالْت" (tasebbalt) معناها قُلّة كبيرة نتاع الما يحطّوها في الدار، قادرة تشدّ حتّى 50 ليترة.

8‏/8‏/2013

الفيشطة

صحّا عيدكم!
فكّرني العيد بكلمة فيشطة. الفيشطة كيما تعرفو هي شغل حفلة كبيرة، وأصل الكلمة من السبنيولية: fiesta (فييستا). كانو الإسبان بكري ينطقو s ش، وهاذا علاه مثلا Sevilla نسمّوها بالعربية إشبيلية. ويكون جابوها الأندلسيين كي جاونا هاربين من سبانيا، علاجال نلقاوها حتّى في قاموس الدارجة العربية نتاع الأندلس لي جمّعها كوريينتي: فِشْطَة.
و fiesta باالسبنيولية و fête بالفرنسية و feast بالإنڤليزية كاملين من كلمة festa باللاتينية، لي تعني "اعياد (هي الجمْع نتاع festum "عيد".) و في وقت الاحتلال الروماني كانو جدودنا يعرفو هاذ الكلمة: نلقاوها في واحد من كتوب أبوليوس، كاتب أمازيغي لي زاد في مدوروش جيهةْ سوق أهراس. كتب: eique diebus festis ... supplicare. "باش ندعيله ... نهارات الاعياد".
صافي العيد مانديروش فيها فيشطة، بصّح الفيشطة في اللوّل كانت عيد! 

31‏/7‏/2013

البونيقية في الدارجة؟ 1

من ثمن ميات سنة قبل الميلاد بداو الفينيقيين يجونا من لبنان ويبنو مُدُن عالبحر، المشهورة فيهم قرطاج. كانو طبعًا يهدرو باللوغة نتاعهم، الفينيقية، اللي هي لوغة سامية كنعانية تشبّه شوية للعربية و تشبّه بزّاف للعبرية. كي طوّلو في بلدان المغرب تبدّلت شوية شوية، واللهجة لي كانو يهدروها في بلدان المغرب نسمّوها البونيقية باش نفرّقو بينها وبين اللهجة تاع لبنان. حتّى بعد ما ريّبو قرطاج مازال قعدو يهدرو البونيقية في الجزاير وفي ليبيا، و أغوستين يذكر شوية كلمات بونيقية ويقول بللي كانو بزّاف صحاب الشرق الجزايري يهدرو بيها.
كاين واحد الباحث أسمو عبدو الإمام اقترح بللي أصل الدارجة نتاعنا هو البونيقية: "Certes, le punique évolue sous les formes de ce que nous appelons le maghribi. De même que le libyque évolue sous les formes du berbère." باش يبيّن هاذا يعطينا ليستة طويلة تاع كلمات بونيقية اللي تشبّه لكلمات تاع الدارجة (ص. 36)، ترجمتها هنايا:
بونيقيةمغربية (دارجة)عربية فصحى
أبأب (? بابا)أب
أدمأدم (? بنادم)إنسان (ابن آدم)
أمأم (? يمّا / امّا)أم
أم... أمأم... أم (? إمّا... إمّا)إمّا... إمّا
أخ (؟ أح)أخ (? خو)أخ
أماناأمانةأمانة
أنكأناأنا
أردز (؟ أرص)أرضأرض
ها هوها هوها هو
كلكلكل
بعدبعدبعد / لمّا
اسألاسأل (؟ سوّل)اسأل
ببب
بنبنبن
بنيبنيإبنِ (بنا يبني)
بنت (؟ بت)بنتبنت
بركباركبارك
بيتبيتبيت
بينبيّنبيّن
حرشحرشحرث، سوّى
عدعادمثل، مرّة أخرى
عبدعبدعبد (خادم)
علعلعلى
علمعلمأبد (؟)
عمعامّ (؟)عامّة، شعب
فعلفعلفعل
جبلجبلإقليم، جبل
هنأهناهناء
هنيهني (؟ هنا)هنا
حييمحياةحياة
كنكان / كاينكان
كاين في البونيقية بزّاف الكلمات لي موجودين في العربية، علاجال فيزوج من أصل واحد، وبزّاف الكلمات لي ماكاشهم في العربية، علاجال لبنان بعيدة على الجزيرة العربية. إيمّالة كاين زوج احتمالات، كل واحد بالنتائج نتاوعه:
  • إيلا كانت الدارجة أصلها بونيقية، نلقاو فيها كلمات بونيقية اللي تشبّه للعربية وثاني كلمات بونيقية لي ماتشبّهش للعربية.
  • إيلا كانت الدارجة أصلها عربية، نلقاو فيها كلمات عربية تشبّه للبونيقية، بصّح مانلقاوش فيها كلمات بونيقية لي ماتشبّهش للعربية، غير بالاك مرّة في زمان إيلا دخلت فيها كيما دخلو كلمات أمازيغية ولاّ تركية.
أوا كي نترجمو الليستة هاكذا من الفرنسية للعربية، الشي اللوّل لي يبان هو بللي قريب كل كلمة بونيقية موجودة في الدارجة موجودة في الفصحى ثاني، وبزّاف منهم يشبّهو للفصحى كثر من الدارجة! إيلا كان الدارجة أصله 100% عربية مازال قادر يكونو موجودين هاذو الكلمات، و بالاك تلقاهم كاملين في اللهجة المصرية ولاّ العراقية ولاّ. غير الكلمات البونيقيج اللي تشبّه للدارجة كثر من الفصحى هوما اللي نقدرو نفهمو بيهم إيلا كاين تأثير بونيقي في الدارجة:
بونيقيةمغربية (دارجة)عربية فصحى
أم... أمأم... أم (? إمّا... إمّا)إمّا... إمّا
حرشحرشحرث، سوّى
عدعادمثل، مرّة أخرى
علعلعلى
علمعالمأبد (؟)
هنيهني (؟ هنايا)هنا
أنا عمري ماسمعْت واحد يقول "أم" (إمّا)، واللي سمعها يقوللي! على كل حال الفينيقيين ماكانوش يكتبو الحركات، ف ماشي باين بللي هذي تكون أقرب للدارجة يالوكان يقولو "أم". "عل" بالدارجة ماشي كلمة واحدة، هي نتيجة على + ال (التعريف): نقولو عل باب (على الباب) بالتعريف، و على باب بالنكرة. والبونيقية ماكانش فيها ال التعريف، صافي هاذي المقارنة ماتمشيش. عالم معناه العالم، الدنيا، كيما في الفصحى؛ عمري ما سمعت واحد يقولها بمعنى الأبد.
حرّش بالدارجة من كلمة حرش، اللي هي أحرش بالفصحى: قال الخليل بن أحمد: "والأحرش من الدنانير ما فيه حشونة لجِدَّته... والضَبُّ أحرَشُ: خَشِنُ الجِلدِ كأنَّه مُحَزَّز." وهي بعيدة في المعنى على كلمة حرش بالبونيقية لي معناه "حرث". الحاصون هاذ المقارنة ماتقنّعش.
"عاد" موجود حتّى في اللهجة اليمنية، حيث يقولون عاده "مازاله"، عادهم "مازالهم"، الخ، والفينيقيين عمرهم ما قعدو في اليمن، الحاصون هاذا ثاني مايقنّعش.
بقى غير "هني". هاذا بالاك كلام الشرق، أنا سمعت غير "هنا" و"هنايا". "هنايا" هي "هنا" زائد "يا" تاع المتكلم، كيما نقولو ثاني "أنايا"، "انتايا"، هاذايا"، وهاذي الظاهرة نقدرو نفسّروها بلا ما ندخّلو البونيقية. إيلا كاين لي يقولو "هني" لازم نشوفو معاهم إيلا عندهم الإمالة في كلمات أخرين ولاّ في هاذي الكلمة برْك باش نفهمو إيلا كان العلاقة معقولة.
الحاصون حتّى كلمة في هاذ الليستة ما تبيّن حتّى بللي البونيقية أثّرت على الدارجة، إمّالة كيفاش تقدر تقنّعنا بللي الدارجة أصلها بونيقية؟ اللي يقول بللي الدارجة أصلها بونيقية كيما اللي يحاول يقول بللي الفرنصية أصلها غالية (gaulois). بالاك مازال كانو ناس في الشرق يهدرو بالبونيقية نهار جاو العرب، بصّح إيلا كانو مازال كاينين، يظهر بللي تعلّمو العربية ونساو البونيقية كامل.
بصّح كاين كلمة في الدارجة ولاّ زوج لي قادرة تكون دخلت لعندنا من البونيقية، يالوكان بالاك مادخلتش ديراكت. والمرّة الجايّة ان شا الله نناقشوهم. 

24‏/7‏/2013

اكليل، أزير، سجرة مريم٬ ... ؟

ما اسم هذا النبات؟
في العاصمة، يسمّى الإكليل، وهو الإكليل بالفصحى. وحتى في المالطية التي هي أصلا لهجة عربية مغاربية يقال klin بقلب اللام نونا. والإكليل أصلا كما وصفه الخليل بن أحمد "شبه عصّابة مزينة بالجواهر". ويعتبر أن أصلها الكلمة السريانية ܟܠܝܠܐ "كْليلا" بنفس المعنى، والكلمة السريانية يعتبر أنها من الأكادية أي البابلية: كِليلُ. ولا نجد معنى النبات إلا في العربية، على عكس معنى العصّابة، فيبدو أن معنى النبات أضيفت في العربية. ويتضح لنا العلاقة بين فكرتي العصّابة والنبات لما نذكر أن الإكليل يمكن أن يكون من الأزهار والأعشاب، ومثلا لا يزال رجال الدين المندائية أي الصابئية في العراق يلبسون إكليلا ("كليلا") من نبات الآس، فلعل البعض كانوا يفضلون أكاليل من نبات الإكليل. ومن العربية دخل هذا الاسم في البرتغالية، حيث يقولون alecrim.
أما في غرب الجزائر فيقال لها "أزير" أو "يازير"، وهذا من الكلمة الأمازيغية: أزير بزناتية الغرب والربفية، أزيّر بالشاوية، أمزّير بالقبائلية، تامزّريا بشلحة المغرب. ويذكر كاتب "عمدة الطبيب" في القرن الثاني عشر الميلادي أن "إكليل الجبل... وبالبربرية أزير". ولقد اكتشف الباحث الإسباني Carles Murcia أن هذه الكلمة سجلها كاتب باللاتينية بكتاب De herbarum virtutibus في القرن الخامس الميلادي حيث قال: "herba rosmarinum : a Graecis dicitur libanotis, alii icteritis, Itali rosmarinum, Punici zibbir" (عشب الإكليل: يسمّيها اليونانيون "ليبانوطيس"، والإيطاليون "روسمارينوم" والبونيقيون أي أهل قرطاج "زيبّير".) والباء كثيرا ما حذفت في الأمازيغية إلا في بعض لهجات ليبيا. ودخلت هذه الكلمة قديما في لهجة جزيرة سردينيا في إيطاليا، حيث يقال tsippiri. فلا شك أن هذا أقدم الأسماء المستعملة لهذا النبات في الجزائر.
وأما في مدينة دلس يطلق على هذا النبات اسم آخر: سجرة مريم. رأينا سابقا أن اسمه باللاتينية rosmarinum، ومعناه حرفيا "الندى البحري"، لأنه ينبت كثيرا قرب البحر. ومنه romarin بالفرنسية، و romeroبالإسبانية، الخ. وفي بعض المناطق شبّه الناس marinum (بحري) باسم مريم، فتخيلوا علاقة بين هذا النبات وبين مريم أم عيسى عليه السلام. لذلك يقول الإنجليز rosemary (حرفيا "ورد مريم".) ونجد في الأندلس أسطورا شعبيا أن مريم لما كانت تغسل ثياب عيسى عليه السلام وضعتها على الإكليل فأصبح أزهاره أزرق، كما يذكر في أغنية شعبية معروفة. فلعل هذه التسمية من بقايا هجرة المورسكيين من الأندلس إلى شواطئ الجزائر. غير أنه يبدو أن اسم "سجرة مريم" يطلق على نباتات أخرى في أنحاء أخرى، ولذلك يبغي لنا أن نجمع معلومات أكثر لنتأكد على صحة هذا التفسير.
إذن يمكن أن نقول إن كل من الأسماء الثلاثة المستعملة لهذه النبتة في الجزائر يعكس عنصرا من عناصر تراثنا: أزير من التراث الأمازيغي، كليل من التراث العربية والمشرقي، وسجرة مريم من التراث الروماني والأندلسي. إمالا واش تقولوله عندكم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق